مقالات طبية

الحشرات هي الحل لأصحاب الكروش

يشهد العالم نمواً في تعداد السكان بمعدل 70 مليون نسمة سنوياً، مع توقعات أن يصل عدد المقيمين على كوكب الأرض مع نهاية القرن الحادي والعشرين 11,20 مليار نسمة بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة.ويعد سوء التغذية مسؤولاً عن ما يقارب الـ3,1 مليون حالة وفاة سنوياً بين الأطفال دون سن الخامسة، الأمر الذي دقّ ناقوس الخطر على مستوى العالم.
العلماء أكدوا في أبحاث كثيرة استحالة قدرة الموارد الحالية من تلبية الطلب المتنامي على الغذاء، ولكنهم في ذات الوقت قدموا في الاجتماع السنوي لتقنيي الأغذية والذي انعقد في الولايات المتحدة الأمريكية، بديلاً وحلاً سحرياً سيساهم في القضاء على الجوع وهو “الحشرات”.
فوفقاً لدراسة صادرة عن جامعة “مونتانا” الأمريكية، هناك 85 نوعاً من الحشرات التي يمكن أكلها في الولايات المتحدة، دون أن يكون لها أي تأثيرات سلبية على الصحة، في حين يصل هذا الرقم على الصعيد العالمي إلى 1900 صنف من تلك المخلوقات.وبالرغم من الانتشار المتواضع لتقبّل فكرة تحويل الحشرات لوجبات غذائية، إلا أن بعض المشاريع قد أخذت زمام المبادرة وانطلقت في هذا التوجه مثل مؤسسة All Things Bugs والتي تنتج مسحوقات من الحشرات للأكل.
كذلك أقامت شركة “رينتوكيل” مطعم ” Pestaurant” في بريطانيا مطعماً يهدف إلى التوعية بأهمية الحشرات كغذاء مستقبلي.وتعد الكونغو سبّاقةً في الاستثمار بتربية الحشرات لإشباع السكان البالغ عددهم 65 مليون نسمة، حيث راجت فيها مؤخراً الأطباق التي تدخل الحشرات في إعدادها، فبحسب دراسة للأمم المتحدة، يبلغ توسط الاستهلاك المنزلي في العاصمة كينشاسا من اليرقات والديدان إلى 300 غرام أسبوعياً.
وتحث وزارة البيئة في تلك الدولة الخطى بالتعاون مع منظمات الأغذية العالمية للاستفادة من هوس سكان الدولة بالحشرات بتشجيعهم على برامج لزيادة تربية الحشرات من خفض أسعارها التي تصل إلى 50 دولار للكيلو الواحد من الصراصير.ومن تلك البرامج الواعدة تدريب ألفي شخص على تربية ديدان الأرض والصراصير ورعايتها، مع خطط لإنشاء مركز قومي من مسؤولياته النهوض بعملية تربية الحشرات في الكونغو.قد لا يستسيغ كثيرون مجرد التفكير بتناول الحشرات إلا هؤلاء قد يغيّروا رأيهم إذا عرفوا أن الحشرات تتمتع بقيمة غذائية عالية، حيث ذكرت جامعة “نبراسكا” أن بعض الحشرات قد تحتوي على نسبة بروتين تصل إلى ما يقارب الـ80 بالمئة من وزنها، فضلاً عن غنى عدد كبير من أنواعها بالأحماض الأمينية والأوميغا 3.
وفي تحقيق أعده موقع “سي إن إن”، قارن بين القيمة الغذائية للحشرات والأحياء المائية، حيث تبيّن على سبيل المثال احتواء النمل الأبيض على نسبة بروتين تترواح بين 13-28 بالمئة لكل 100 غرام من الوزن الصافي، في الوقت يصل فيه هذا الرقم في الجمبري إلى 16-19 بالمئة.وعلى ذمة ذات الدراسة فإن نسبة البروتين لدى الجراد بحدود 14-18%، وعند صرصور الليل 8-25%، و7-36% بالنسبة للخنفساء.وإلى جانب قيمتها الغذائية العالية، فإن العمل في ميدان تربية الحشرات أجدى من الناحية الاقتصادية مقارنةً بتربية المواشي، فإذا قرر الإنسان عمل مزارع للصراصير فإنها ستستهلك طعاماً أقل من الماشية بـ12 مرة، كما ستجد الكثير من النفايات في البيئة تصلح للتغذية، وستعيش في مساحة صغيرة كذلك، ويمكن تربيتها مجاناً تقريباً ولذا فأسعارها ستكون رخيصة جداً، وستنتج غازات أقل من الحيوانات الأخرى لتقلل الاحتباس الحراري.
وتؤكد الأبحاث الطبية أن لتناول الحشرات أثراً إيجابياً في مكافحة السمنة، إذ أنها تحتوي على كمية من البروتين أكثر من الدهون، فإنها قد تلعب دوراً مؤثراً في القضاء على وباء السمنة المنتشر حول العالم، ففي عام 2008 وصل عدد البالغين الذين يعانون من السمنة إلى 1.4 مليار شخص، ولقد أوصت منظمة الصحة العالمية بالحشرات كغذاء مناسب للأطفال لمنحهم البروتين والطاقة وحمايتهم من السمنة.وتحمل الحشرات الصالحة للأكل مخاطر أقل على صحة الإنسان من تلك التي تسببها اللحوم، مثل فيروس H1N1 ومرض جنون البقر، والسالمونيلا رغم إن الأخيرة توجد في الذباب الذي لا يندرج ضمن قائمة الحشرات الموصى بتناولها، فالصراصير والنحل واليرقات خالية من الأمراض تماماً.

تعليقاتكم