أخبار الصحة

الحموري : الأردن يتبوأ المرتبة الأولى على مستـوى الشـرق الأوسـط وشـمـال أفريقيا كمركز جاذب للسياحة العلاجية

قال الدكتور فوزي الحموري رئيس جمعية المستشفيات الخاصة، ان الأردن يتبوأ حاليا المرتبة الأولى على مستوى إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمركز جاذب للسياحة العلاجية، مشيرا الى ان الخدمات الطبية الملكية عندما قامت العام 1970 باجراء عمليات قلب مفتوح، لم يكن في الوطن العربي أي دولة تتجرأ وتفكر بالقيام بذلك، وعندما قمنا بعمل زراعة الكلى العام 1972 كنا روادا على مستوى الإقليم، اضافة الى ان الاردن سادس دولة في العالم تدخل عمليات أطفال أنابيب.
واضاف في حوار مع اسرة «الدستور» في منتداها للفكر والحوار، اننا حققنا معجزة طبية رغم محدودية الامكانات،مؤكدا ان دخل السياحة العلاجية المقدر بمليار دينار سنويا غير مبالغ به .
وحول قانون المساءلة الطبية قال، نحن كمستشفيات نطالب بأن يكون لدينا قانون المسؤولية الطبية، لكن هذا القانون يجب أن يكون عليه توافق من جميع أطراف المعادلة، فالأطباء جزء مهم ولكن المسؤولية الطبية ليست فقط على الأطباء وانما تشمل مقدمي الخدمات الصحية ويجب ان يكون القانون توافقيا يحمي المريض ومقدم الخدمة، وأعتقد أن إصدار قانون دون التجهيز له سيكون غير مفيد.
وتناول الحموري في حواره اثر اللجوء السوري على مجمل الخدمات في المملكة، اضافة الى الاتفاقية الموقعة مع وزارة الصحة العام 2008 وضرورة تعديلها، والاعتداءات على الكوادر الطبية.
وفيما يأتي نص الحوار:

*الدستور: هل تعتقد أن القطاع الخاص أُدخل في الإمكانيات الطبية؟، وهل هناك نقص في القطاع الطبي؟، وهل اعتماد الدول العربية والأجنبية للأردن بأن يكون مركزا لتوجه المريض العربي والأجنبي للأردن يوازيه تخصصات طبية متقدمة؟، وهل ما زال لدينا المزيد من الأطباء والمتخصصين المشهورين الذين تجذب أسماؤهم هؤلاء المرضى؟، وهل وصلنا إلى أن نكون واحدا من المراكز العربية الرئيسة للسياحة العلاجية؟، وهل لديكم اقتراحات بأن يكون لدينا مستشفيات متخصصة في القلب مثلاً؟، ثم نرى أن التركيز للتخصصات الهامة في عمان فهل يدعوكم هذا للتفكير ببناء مستشفيات خارج العاصمة.

-الحموري: بداية أشكر جريدة الدستور وجميع القائمين عليها، وأعبر عن تقديري واحترامي لهذه الجريدة العريقة التي تنقل الخبر وتعبر عن رأي المواطن الأردني بكل شفافية.
نحن في المستشفيات الخاصة، والتي هي جزء من القطاع الصحي الأردني فخورون بما تم إنجازه في الأردن على مستوى الإقليم ومستوى العالم.
الأردن الآن يتبوأ المرتبة الأولى على مستوى إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمركز جاذب للسياحة العلاجية، وهذه شهادة حصلنا عليها من الآخرين، فآخر جائزة حصل عليها الأردن من خلال ملف تقدمنا به كجمعية في دبي العام 2014، إذ حصل الأردن على جائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية، وكان عدد الحكام تسعة، منهم ثمانية أجانب وحكم واحد من الإمارات العربية المتحدة، فهذه الجائزة وهذا التميز لم يأت من فراغ، وكان هناك أسباب لنجاح الأردن، بدأت في السبعينيات من القرن الماضي، إذ ان المرحوم جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه كان يركز كثيراً على موضوع الصحة، ولا يبخل على القطاع الصحي، فعندما بدأت الخدمات الطبية الملكية العام 1970 باجراءعمليات قلب مفتوح، لم يكن في الوطن العربي أي دولة تتجرأ وتفكر بالقيام بعملية قلب مفتوح، وعندما قمنا بعمل زراعة الكلى العام 1972 كنا روادا على مستوى الإقليم، وعندما قام الدكتور زيد الكيلاني بعمل أول عملية أطفال أنابيب العام 1986 كنا سادس دولة في العالم تدخل هذه التقنية، والأردن أول دولة عربية تصدر نظاما للخلايا الجذعية، ولأجل ذلك في شهر 10 لدينا مؤتمر السياحة العلاجية الدولي في دبي ومطلوب منا أن نقدم تجربتنا، فهذا هو المستقبل، ونحن سبقنا الناس في هذا الموضوع.
وفيما يتعلق بالاطباء، لدينا 26 طبيبا لكل 10 آلاف نسمة، والمتوسط في الإقليم 10 لكل 10 آلاف، ولأجل ذلك نحن دولة مصدّرة للكفاءات، إذ ثمة 1500 طبيب أردني يعملون في أمريكا، وفي بريطانيا حوالي 500 ، وفي دول الخليج حوالي ألفي طبيب، إذن نحن لدينا اكتفاء بحاجتنا للأطباء، ونصدر للدول الأخرى. وإذا نظرنا إلى الصيادلة، لدينا 14 صيدلانيا لكل 10 آلاف مواطن، والمتوسط في الإقليم 6 لكل 10 آلاف، اضافة الى شركات الأدوية ، حيث أننا نصدر الدواء أكثر مما نستورد، ولدينا سوق من 25 دولة، ونستقبل مرضى من حوالي 60 جنسية، وهذا كله إنجاز عظيم نفتخر به بأننا في الأردن في بلد محدود الإمكانيات استطعنا أن نحقق هذه المعجزة الطبية، فأعتقد أن نجاح القطاع الطبي الأردني الذي شارك فيه جميع القطاعات العامة والخاصة وحتى المواطن الأردني الذي يحجب عن نفسه الطعام حتى يقوم بتدريس ابنه الطب فهذا أسهم في نهضة الأردن الطبية، وهذا ينطبق على جميع المهن وليس فقط الأطباء، بل أيضاً نتحدث عن التمريض، فالتمريض الأردني مطلوب، وفي فترة ما كان لدينا فائض في التمريض، الآن لدينا نقص، والسبب أن هناك طلبا على الممرضين الأردنيين من دول الخليج، حيث اقتنعوا بالكفاءة التي يتميز بها الممرض الأردني.
الأمر الآخر تحفيز الاستثمار، فالآن عدد المستشفيات الخاصة في المملكة 65 مستشفى من أصل 107 مستشفيات، أي أن لدينا أكثر من 60% من المستشفيات في المملكة هي مستشفيات خاصة، في معظم دول العالم المستشفيات الحكومية والجامعية والعسكرية تكون اكثر، وتكون بالعادة المستشفيات الخاصة تشكّل 10-20 بالمائة، وعلى سبيل المثال في بريطانيا لا تتعدى المستشفيات الخاصة 5%، وفي أمريكا حوالي 20%، نحن لدينا أكثر من 60%، وهذا سببه البيئة الاستثمارية التي وفرتها الدولة لتحفيز الاستثمار في هذا القطاع؛ ما شجع الناس على الاستثمار فيه ،اضافة الى ان توافر المستشفيات الخاصة حفز -أيضاً- الأطباء بأن يستثمروا في أنفسهم بداية، فكثير من أطبائنا يحرصون على أن يشاركوا في المؤتمرات والورشات العلمية سواء في الأردن أم خارج الأردن، وعملنا كثيراً على موضوع الاعتماد والجودة، فكان الأردن أول دولة عربية تؤسس مجلس اعتماد المؤسسات الصحية، فعندما أنشئ في العام 2007 كان ريادياً، وأثبت المجلس بأنه خلق بيئة ثقافة جودة، فأصبحت الناس تعرف ماذا يعني اعتمادية وجودة الخدمات الصحية، وأصبحت الكوادر تعرف.
قمنا بعمل دراسة بين مستشفيات حصلت على الاعتمادية ومستشفيات لم تحصل عليها، ونشرت هذه الدراسة التي تمت مع جامعة برانديز في أمريكا، حيث تم عمل هذه الدراسة في الأردن على ثلاثة مستشفيات حاصلة على الاعتمادية وثلاثة مستشفيات غير حاصلة على الاعتمادية، وجدوا أن المستشفى الحاصل على الاعتمادية نسبة الأخطاء الطبية فيه أقل وبالتالي المضاعفات أقل مما يعني كلفة أقل، ووجدوا أن استقالات الموظفين تقل عن المستشفى غير الحاصل على الاعتمادية.
بالنسبة للمساءلة الطبية، فأنا معها، ونحن شاركنا في جميع اللجان التي تمت لإصدار قانون المسؤولية الطبية، وقدمنا خمسة مقترحات، وكل مقترح كان يذهب إلى رئاسة الوزراء أو ديوان التشريع، ولغاية الآن لم تصدر، نحن كمستشفيات نطالب بأن يكون لدينا قانون المسؤولية الطبية، لكن هذا القانون يجب أن يكون عليه توافق من جميع أطراف المعادلة، فالأطباء جزء مهم ولكن المسؤولية الطبية ليست فقط على الأطباء، فهي أيضاً على الصيدلي وطبيب الأسنان والممرض ومدير المستشفى، إذن المسؤولية الطبية لمقدمي الخدمات الصحية وليست للأطباء فقط، وبالتالي على جميع مكونات القطاع الصحي أن يتوصلوا إلى قانون عليه توافق يحمي المريض ويحمي مقدم الخدمة، فالقوانين الحالية الآن إذا قام مريض بالشكوى على طبيب فالمدعي العام لديه صلاحية لتوقيف الطبيب فوراً، فهذا لا يجوز، إذن الآن في التعديل أو مشروع القانون لا يوقف الطبيب إلا بعد ثبوت الخطأ بقرار محكمة، وهذا فيه حماية لمقدم الخدمة، وفي نفس الوقت إذا ثبت الخطأ هناك حماية للمريض، فيجب أن يكون هناك تعويض وجزاء، وهل الخطأ مقصود أو غير مقصود، وهل هو طبي أو مضاعفة طبية، فيجب أن نضع معايير للخدمة الطبية، ولا يجوز أن يجتهد كل طبيب بأنه سيقوم بعمل عملية بطريقة معينة، فأعتقد أن إصدار قانون دون التجهيز له سيكون غير مفيد.

-الدستور: هناك نقطة جدلية تحدثت عنها وهي دخل السياحة العلاجية، والبعض يعتقد أنه مبالغ فيه، فأنت تحدثت عن أكثر من مليار دينار سنوياً من دخل السياحة العلاجية، وإذا قارنا الرقم بالمستوى الطبي في الأردن فهذا طبيعي، لكن البعض يدعي أن عدد المرضى الوافدين للأردن أقل من هذا الرقم. نريد أن نعرف منك حول دخل السياحة العلاجية ومدى مساهمته في الاقتصاد الوطني؟

-الحموري: في عامي 2004-2005 شكلت وزارة التخطيط فريقا اسمه فريق التنافسية، وقاموا بعمل دراسة وعملوا بها لمدة ستة أشهر، وكان بها موظفون من وزارة التخطيط وخبراء أجانب، لتقييم حجم السياحة العلاجية في الأردن،حيث توصلوا إلى أن رقم المرضى الذين دخلوا الأردن للعلاج العام 2004 كان 150 ألف مريض، وقدّرت في ذلك الوقت إيرادات الأردن من السياحة العلاجية بـ 650 مليون دولار، وإذا كان لدينا هذا الرقم في العام 2004، فنحن اليوم في العام 2015 ألا تعتقدوا أن الرقم أصبح أكثر من الضعف، فبالتأكيد أكثر، والسبب أنني أنظر أولاً الى المستشفيات الكبيرة، والتي هي بالأصل تستهدف السياحة العلاجية، ويأتينا إحصائيات من هذه المستشفيات سنوياً، وكم عدد المرضى لديهم في كل سنة، فإذا نظرنا إلى المستشفى التخصصي، فان عدد المرضى العرب الذين جاءوا للمستشفى من خارج الأردن ودخلوا المستشفى وناموا به العام 2014 كان 9500 مريض، والمرضى الذين أتوا للمستشفى وراجعوا العيادات والمختبر والأشعة وقاموا بعمل إجراءات من دون مبيت كانوا 35 ألف مريض، ولو جمعنا فقط في المستشفى التخصصي فسنجد بأن العدد حوالي 45 ألف مريض في مستشفى واحد، وأيضاً شارع الخالدي من مستشفى الخالدي ومستشفى فرح ومركز خالد الشريف ومستشفى سامر عبدالهادي وألف عيادة في شارع الخالدي، فأعتبر أن المستشفى التخصصي لا يشكل 20% من حجم شارع الخالدي، وأتوقع بان شارع الخالدي استقبل أكثر من 100 ألف مريض، وإذا نظرنا إلى جميع المستشفيات الأخرى فسنجد الرقم أكبر من الذي نتحدث عنه،والزيادة السنوية في المستشفيات الرئيسة تتراوح بين 5-8 بالمائة، وهذا يتماشى مع الأرقام التي نتحدث بها.
إحصائيات السياحة العلاجية في العالم كله غير دقيقة، ولكنها تقريبية، فعندما نتحدث عن أنه دخل للأردن 250 ألف مريض في السنة فهذا رقم متحفظ، والرقم أكثر من ذلك، وقمنا بعمل دراسة لنرى كم عدد المرافقين الذين أتوا مع المرضى، وجدنا أن المريض الفلسطيني يأتي معه مرافق واحد، والسعودي يأتي معه ثلاثة ، فالمتوسط ظهر بأن هناك مرافقين اثنين لكل مريض، فاذا حضر 250 ألف مريض فيأتي معهم حوالي 500 ألف مرافق، وهؤلاء المرافقون يحتاجون مكانا للمبيت شقة فندقية أو فندقا، وسيقوم باستخدام المرافق في البلد كاملة من مطاعم ومولات وسوبرماركت ..الخ، إذن هؤلاء قاموا بتشغيل قطاعات أخرى.
نحن كجمعية مستشفيات خاصة كان لنا تجربة في موضوع مرضى الانتفاضة الفلسطينيين، والمرضى السوريين، وكان لدينا تجربة مع المرضى الليبيين، حيث كانت تأتي أعداد كبيرة من الصعب استيعابها، فكنا نرسل المرضى إلى مستشفيات اربد، ، وكل مستشفى كان قادراً على استيعاب هذا النوع من المرضى كنا نرسل مرضى له، حيث كان عبئاً يفوق طاقتنا، وإذا أخذنا التجربة الليبية، فعندما أتى المجلس الانتقالي ورأوا موقف الأردن الداعم لليبيا، حيث أرسلنا فرقا طبية أثناء الثورة، ولقد أرسلت بطائرة عسكرية 13 طبيبا استشاريا، في شهر 6/2011، وكان المجلس الانتقالي في بنغازي والقذافي في طرابلس، وكانت الحرب دائرة، واستنجدوا بنا في مستشفى بنغازي لإرسال جراحين لهم وخيوطا جراحية لتخييط الإصابات ودواء تخدير، وطلبوا جراحي أوعية دموية وعظام ..الخ، فقمت بعقد اجتماع للأطباء وإخبارهم بهذه الطلبات واخبرتهم ان من يود الذهاب فسيذهب على مسؤوليته بسبب الحرب هناك، ووافق 13 طبيبا للذهاب، وتحدثنا مع سلاح الجو والذين أخبرونا بأن لديهم طائرة محملة بمساعدات لليبيا، فذهب الأطباء بطائرة عسكرية وجلسوا هناك لمدة أسبوعين، وقاموا بعمل حوالي 300 عملية، وعادوا عبر الصحراء الليبية والمصرية إلى عمان.

**الدستور: بالنسبة لملف الديون .. هل أغلق الملف الليبي، والديون على صندوق الكلى وعلى الحكومة والسلطة الفلسطينية، وأين وصلتم في الإجراءات. وهل تضعنا بصورة مشكلة المستشفيات المتعثرة وهل هناك خطة لإنقاذها؟

-الحموري: لا يوجد مستشفيات متعثرة، فكلها وضعها جيد، لكن هناك مستشفيات أداؤها المالي أفضل من غيرها، وكان لدينا في الماضي بعض المستشفيات أغلقت لأسباب معينة، والحمد لله تم إعادة تشغيلها والآن هي تعمل بشكل جيد.
وبالنسبة لديون المستشفيات الخاصة فهي على جهات عديدة، إذا بدأنا من الأردن فنبدأ من ديون صندوق الكلى، وهذا ملف مزمن ودائماً المخصصات في الموازنة لا تكفي احتياجات الصندوق، ما أدى إلى تراكم الديون على مدى السنوات، والآن ديون صندوق الكلى تزيد عن 45 مليون دينار، وهذا أثير في لقاءاتنا المتعددة مع الحكومة ووعدوا بإيجاد حل لهذا الموضوع، اما ديوننا على الاتفاقية فهي أقل بكثير وأمورها تسير بشكل جيد، وتصل الى حوالي 10 ملايين دينار.
لدينا ديون على شركات التأمين في الأردن، وهذا رقم كبير جداً، لكنها تسير ويقومون بالتسديد، وهي ليست مشكلة لكن هناك تأخير في السداد.
وبالنسبة لديوننا الخارجية، لنا على السلطة الوطنية الفلسطينية أكثر من 30 مليون دينار، والتقيت بوزير الصحة الفلسطيني بالقاهرة قبل حوالي أسبوع، ونحن نقدر ظروف السلطة الفلسطينية، فإسرائيل الآن قامت بحجز الضرائب،ولكن على الأقل يجب أن يكون هناك جدولة لهذا الدين والبدء بدفع دفعات، إذ إن هذه الديون مضى عليها أكثر من خمس سنوات .
اما الديون على الحكومة الليبية فهي تزيد عن 70 مليون دينار، وتراكمت من جديد، لأننا باستمرار نستقبل جرحى ومرضى ليبيين، فالديون القديمة تم تسديدها، ولكن الديون الجديدة تراكمت، للأسف الوضع العام في ليبيا الآن غير واضح المعالم، وبالتالي من الممكن أن يحتاج تحصيل هذه الديون بعض الوقت، وبشكل عام تجربتنا مع إخواننا الليبيين بأنه يتم تحصيل الأموال، نحاول أن ننأى بأنفسنا عن أي انقسامات داخل ليبيا، ونحن نتعامل مع الناس من ناحية إنسانية، فعندما يأتينا جريح فلا نستطيع رفض استقباله، واستقبلنا جرحى ومرضى ليبيين في ظروف أصعب من ذلك، ففي بدايات الثورة لم يكن هناك أي أمر واضح، والآن على الأقل بدأت تتبلور الملامح في ليبيا، وعلى مدى السنوات لم نتوقف عن استقبال المرضى الليبيين.

– الدستور: هل الأزمات السياسية والاضطرابات حولنا كان لها تاثير على القطاع الخاص تحديداً في الجانب الصحي ؟ وهل هناك توجه بعد حادثة عائلة العويوي أن يكون هناك حضور صحي طبي في منطقة البحر الميت؟

-الحموري: توزيع المستشفيات في المملكة أعتقد أنه غير عادل، فإذا نظرنا إلى محافظة البلقاء وهي محافظة كبيرة تمتد للبحر الميت وتصل إلى أطراف عمان، لا يوجد بها ولا مستشفى خاص، وكنا قد تقدمنا منذ أكثر من 6-7 سنوات بمقترح تعديل نظام المستشفيات الخاصة، والذي تم تعديله حديثاً قبل حوالي شهر، بأن يكون هناك مسافة بين المستشفيات، حتى تكون قريبة من الناس ومن التجمعات السكانية وأيضاً حتى لا يكون هناك اكتظاظ، وبالتالي توزيع المستشفيات، لكن للأسف هذا الاقتراح لم يلق قبولا من وزير الصحة في ذلك الوقت وبالتالي لم يتم تفعيله، فيجب أن يكون هناك ما يسمى بشهادة الحاجة، بأنْ يكون هناك مستشفيات خاصة في المحافظات، فهي نوع من الإرشاد للمستثمر ونوع من تنظيم الخدمة.
الأزمات السياسية التي حدثت في الإقليم كان لها شقان، إيجابي وسلبي، وبالتالي نحن كقطاع خاص استفدنا من هذا الوضع، إلا أن ازدياد الأعداد بشكل كبير شكّل عبئا على كل الخدمات في المملكة، وليس فقط في الصحة، فهنا نحن أولاً أسهمنا في تخفيف العبء عن المستشفيات الحكومية بأننا استقبلنا أعدادا كبيرة جداً من الجرحى والمرضى السوريين، فكنا نستقبلهم إما مساعدة وإما بالتكلفة وإما بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات خيرية عربية أو دولية، وبأعداد كبيرة، وهذا خفف على المستشفيات الحكومية.. المستشفيات الحكومية مؤخراً توقفت عن استقبال السوريين على نفقة الدولة، وبالتالي هذا زاد العبء على الجهات المانحة والجهات الدولية والقطاع الخاص، فنحن كمستشفيات خاصة إذا جاءنا مريض سوري في حالة طارئة فلا نستطيع إلا أن نعالجه، والحالة الطارئة إذا كانت تشكل خطرا على حالة المريض فيجب أن يتم معالجة المريض، وإذا لم يتم معالجته فتقع عليك مسؤولية.

– الدستور: نريد التحدث عن موضوع قطاع التعليم العالي واستراتيجيات التعليم العالي بفكرة إنشاء مزيد من كليات الطب في الأردن، وكما تعلمون فإن شروط إنشاء كلية طب من المفروض أن يكون معها مستشفى مجهز ومخصص، أنتم كقطاع خاص ومسؤولين عن هذا الأمر، هل لكم تواصل مع وزارة التعليم العالي فيما يتعلق بتحديد الحاجة لوجود مزيد من الأطباء ومزيد من كليات الطب في الجامعات الأردنية، وكيف تقيم خريجي كليات الطب في الجامعات الأردنية مقارنة مع خريجي الجامعات الأخرى؟

-الحموري: نحن أولاً نفتخر بمستوى التعليم الطبي في الأردن، وأطباؤنا من خريجي الجامعات الأردنية يحصلون على أعلى العلامات في الامتحانات العالمية، فهذا مؤشر على نوعية الخريجين، والأمر الآخر أن الذين يدرسون الطب في الأردن يحصلون على أعلى العلامات، فالطلاب جيدون والجامعات لدينا جيدة أيضاً.. لدينا تخوف من ان ازدياد أعداد الطلبة الذين يدرسون الطب في الجامعات الأردنية سيؤثر على الجودة، نتمنى على كليات الطب أن تلتزم بعدد الطلاب الذين يستطيعون أن يقدموا لهم خدمة تعليمية صحيحة، لأن دراسة الطب ليست كأي كلية إنسانية، فهي ليست قاعة فقط، فلأجل ذلك أعداد الطلبة يجب أن تكون محددة.
نحن نجتمع في المجلس الصحي العالي وفي المجلس الطبي الأردني وفي المجلس التمريضي وفي جميع المجالس التي نحن ممثلون في إداراتها، يكون معنا وزارة التعليم العالي وممثلون عن الجامعات، ودائماً يبحث هذا الموضوع، فنحن نبحث في هذا الأمر بمجالسنا، وليس فقط الطب، وأيضاً في التمريض، فنحن تدخلنا من خلال المجلس التمريضي الأردني بأننا قمنا بالحد من قبول الطلبة الذكور في فترة من الفترات، وزدنا نسبة الإناث، فكان في الماضي قبل أن نتدخل 90% من الطلاب ذكور و10% إناث، في حين المستشفيات تحتاج إلى 60% إناث و40% ذكور، فأخذنا قرارا في المجلس واعتمده مجلس التعليم العالي بأنه يمنع أن يكون أكثر من 40% من الذكور، فهذا كان لنا به دور حيث واءمت بين الخريجين واحتياجات القطاع.
وخلال لقائنا الأخير مع جلالة الملك كان هناك مكرمة من جلالته بإنشاء مركز الإسعاف الجوي، ونحن من أوائل الدول العربية أو ثاني دولة عربية التي تنشئ هذه الخدمة وسيتم البدء بتشغيلها خلال شهر أو شهرين، والآن يوجد طائرتا هيلوكبتر مجهزتان وبهما كل المعدات اللازمة، وهما ستساعدان كثيراً في نقل الحالات الحرجة من الأماكن البعيدة، وقدرنا وشكرنا جلالة الملك على هذه المبادرة، وهذا سيكون شراكة بين القطاعين العام والخاص، وستكون هذه الخدمة مدفوعة الأجر، وأعتقد أن هذا الأمر مهم وسيفيدنا ليس فقط للمريض الأردني، وانما للمرضى العرب الذين سيأتون من الدول المجاورة، حيث في كثير من الأحيان نضطر إلى الذهاب للحدود حتى نأتي بالمرضى الذين تكون حالتهم حرجة.
وأود أن أشير من خلالكم إلى أن الكلف التشغيلية على المستشفيات تزيد، فموضوع الكهرباء مثلاً مؤرق بالنسبة للمستشفيات، وهذا يحد من قدرتها على تطوير نفسها، ففي العام 2011 كانت الكهرباء 113 فلسا على المستشفى، واليوم 270 فلسا، فطلبنا من الحكومة بأن يعطونا الكهرباء مساواة مع القطاعات الأخرى، مثل الفنادق حيث أن سعر الكهرباء لهم بـ160 فلسا، والمولات 130 فلسا، لكن لم يقبلوا بمساواتنا بالمولات والفنادق، وطلبنا بأن يعطونا الكهرباء بسعر التكلفة ورفضوا، واقترحنا أن نستخدم الطاقة الشمسية، وقمنا بالتقدم كجمعية بمشروع لتوليد الطاقة الشمسية بقوة 15 ميجاوات، وهذا يخدم حوالي 10 مستشفيات، وقلنا بأنه سيكون كمرحلة أولى، وهذا الطلب تقدمنا به منذ عام ونصف العام، وللأسف لغاية الآن لم يوافق عليه، وأيضاً ضريبة الدخل، حيث صدر قانون الضريبة وتم رفعه من 14 إلى 20%، وأيضاً الضمان الاجتماعي حيث كان بين اشتراك الموظف والمؤسسة 16% الآن أصبح 20.15%، فهذه جميعها كلف، اضافة الى رواتب الموظفين، حيث اضطررنا لرفع رواتب العاملين حتى نستطيع المحافظة عليهم.
التنافس موجود في كل القطاعات، ودائماً التنافس يجب أن يكون بطريقة صحية، لكن أعتقد أن هذه ظاهرة لا يمكن إلغاؤها، فالتنافس بهدف تحسين الخدمة أمر إيجابي.

– الدستور: لكن في المعارض التي تقيمونها في الخارج، هل ثمة تنافس بينكم هناك؟

-الحموري: نحن ندعم المعارض ونأتي بدعم لها بنسب تصل إلى 50%، فالآن مثلاً نقوم بالتنظيم لمعرضين، واحد في أربيل والثاني في الجزائر خلال شهري 4 و5، وكلفة الجناح بمساحة 9 امتار مربعة حوالي 2500 دينار، وأتينا بدعم من هيئة تشجيع الاستثمار، لأن هذا مشاركة باسم الأردن، فهناك مصانع ستشارك والسياحة ستشارك ونحن سنشارك، فقالوا بأنهم سيتحملون 50% من أجرة المعرض، فيأتي مستشفى ويقول بأنه يريد 9 امتار، ويأتي مستشفى ويطلب 18 مترا، ومستشفى آخر يطلب 4 امتار، لأن النصف الثاني هو الذي سيدفعه، فهذا ليس له علاقة بالعدالة، بل كم تريد أن تسوق وكم يهمك هذا السوق.

– الدستور: بعد مرور سنوات على توقيع الاتفاقية مع وزارة الصحة، هل هناك توجه لإعادة النظر بها خاصة أن هناك تظلما من فئة الدرجة الأولى بالنسبة للتحويل للمستشفيات الخاصة وبالنسبة للخدمة، وهل تعتقد أن نسبة إشغال المستشفيات الخاصة بها نسبة كبيرة من قطاع الصحة؟

-الحموري: هذه الاتفاقية تم توقيعها العام 2008، وبقينا عامين نعمل عليها حتى استطعنا أن نتوصل لها، لأنها كانت أول اتفاقية من نوعها على أي مستوى آخر وعلى أي قطاع، بأن تسمح لشخص مؤمن على حساب الدولة يذهب وحده إلى مستشفى خاص دون أن يستشير أحدا، فهذه كانت إنجازا كبيرا، وعندما قمنا بتوقيعها، وطلب الوزير بأن تكون لفئة الدرجة الأولى والخاصة كان طلبنا نحن بأن تكون للجميع، طالما أن هناك نسبة مساهمة، فالمريض سيدفع نسبة 20% من الفاتورة والـ80% ستدفعها الحكومة، إذن يجب إعطاء هذا الحق للجميع، فطلبوا بأن تتم التجربة لمدة عام لهذه الفئة والعام الذي يليه سيتم إدخال الفئة الثانية والعام الثالث سيدخلون الفئة التي تليها، لكن للآن لم يقوموا بتوسيعها، مع أننا في كل عام نطلب إعادة النظر في الاتفاقية، ليس فقط بشمول الدرجة، بل أيضاً هناك مواضيع كثيرة ظهرت خلال التطبيق أصبحت بحاجة لبعض التعديلات، وهناك مستشفيات انسحبت من الاتفاقية لأسباب كثيرة من ضمنها أن الحكومة لم توافق على مراجعة الأسعار، فمنذ العام 2008 لغاية الآن ليس من المعقول أن تبقى الأسعار كما هي، نحن طلبنا بأنه على الأقل أن يعطونا معدل التضخم، فالبنك المركزي في كل عام يخرج معدل تضخم حوالي 3.5-4%، فطلبنا بأن نقوم بعمل اتفاقية مربوطة بمعدل التضخم، لكن لم يوافقوا، وثانياً تأخير تسديد فواتير المستشفيات، فأحياناً يكون هناك إطالة في هذا الأمر، ويصبح هناك عبء على إدارة المستشفى، لأن المستشفى خدمته ليست جميعها خدمة، فكثير منها دواء ومستلزمات طبية وشبكات، فشركات الأدوية تعطي المستشفيات 60 يوماً لكي تدفع، وإذا لم يتم الدفع فيتم إيقاف الدواء، وحصل ان شركات الشبكات الطبية أوقفت توريدها للمستشفيات في احدى الفترات، فأعتقد أن هذه حلقة إذا توقفت عند أي جهة فسيصبح هناك خلل في كل المنظومة.

– الدستور: هل تعانون من قضية الاعتداء على الأطباء؟

-الحموري: لا أذكر متى حصل اعتداء على طبيب في مستشفى خاص، حيث كان منذ وقت طويل جداً، وهذا أمر إيجابي، لا أستطيع تحديد السبب، لكن بالنسبة لنا لا نعتبرها ظاهرة، وبشكل عام في البلد كله يجب أن لا تكون ظاهرة، فالاعتداء على الكوادر الطبية تصرف غير مقبول لا أخلاقياً ولا دينياً ولا مهنياً، لأن هذا الطبيب يقوم بواجبه، وإذا كان هناك تقصير ففي بعض الأحيان يكون معذورا إذ إن عليه ضغطا كبيرا في العمل، يجب أن يكون هناك تشريع يحمي الكوادر الطبية والتمريضية من مثل هذا النوع من الاعتداءات، ولا يجوز أن يتم التعامل معه على أنه قضية مشاجرة.
للأسف كل شخص يأتي الى الطوارئ ومعه مريض يخصه إن كان ابنه أو زوجته أو والده فيعتبر بأن حالته طارئة وأولوية، لدينا في الطوارئ ما يسمى بتصنيف الحالات، حيث يتم تقييم المريض خلال دقيقتين ليعرفوا الحالة جيداً، فتقييم الطبيب أو الممرض لحالة المريض يختلف عن تقييم الشخص الذي أتى به.
*الدستور: لو كنت المسؤول الصحي، هل ترى التشوهات الموجودة في القطاع الصحي سواء الحكومي أم الخاص، بأنه من الواجب أن تقوم بضبطه، وأين تأتي التشوهات؟

-الحموري: من يحملون بطاقة تأمين صحي يشكلون حوالي 75%، والـ25% الآخرين إما أنه يستطيع أن يستفيد من خلال وزارة التنمية الاجتماعية «غير مقتدر»، أو أن يستفيد من مكرمة الديوان الملكي وهذا أمر سهل جداً، فلا يوجد أي بلد في العالم تغطية لمريض السرطان بغض النظر أكان غنيا أم فقيرا، وغسيل الكلى مغطى والتلاسيميا مغطى والملاريا والسل والإيدز فكل هذا مغطى لدينا وعلى حساب الدولة، بينما لا نجد أي دولة في العالم تقوم بذلك حتى الدول الغنية، فما أريد قوله، إن توافر الخدمة لدينا رائع جداً، والمواطن الأردني بوضع أفضل من غيره بكثير.

– الدستور: يتهم القطاع الخاص بأنه يشغل أطباء سوريين وعراقيين، ودون وجه قانوني، هل هذا صحيح ؟

-الحموري: هذا غير صحيح، فأولاً المستشفيات الخاصة نسبة العاملين فيها بشكل عام بكل المهن حوالي 30 ألف شخص، ومن يستفيد من المستشفيات الخاصة بشكل غير مباشر حوالي 50 ألفا، والأطباء غير الأردنيين الذين يعملون في المستشفيات الخاصة نوعان، هناك نوع في برامج التدريب، وبالتالي هؤلاء يعتبرون طلابا مقيمين، فالمستشفيات الخاصة تلعب دوراً كبيراً في التعليم والتدريب، وهناك أكثر من 500 طبيب تخصص في المستشفيات الخاصة، فهؤلاء يحملون عبئا عن المستشفيات التعليمية الجامعية والحكومية، فنحن نصرف كثيراً في التعليم، فطلاب التمريض وطلاب التغذية وطلاب الهندسة الطبية الذين يدرسون في الجامعات الحكومية والخاصة يتدربون لدينا، والصيدلة كذلك وأطباء الامتياز فنحن نفتح بابا للتدريب، فنجد هناك طبيبا سوريا أو عراقيا أو فلسطينيا يريد أن يقوم بعمل امتياز فيأتي إلينا، لكن الغالبية أردنيون، الآن هناك بعض الاطباء الذين يعملون لكنهم حاصلون على رخصة مزاولة مؤقتة لعدم توافر الطبيب الأردني البديل.

تعليقاتكم