مقالات طبية

رمضان… لمة عائلية وتعاون أسري

صحة نيوز – اعتادت الأربعينية أم سيف تقسيم مهام الأعمال المنزلية في الشهر الفضيل، على أفراد عائلتها المكونة منها وزوجها وثلاثة أبناء بأعمار مختلفة، فكل منهم يتولى عملا ما يفضله ويسر بأدائه.
تقول أم سيف “يتولى زوجي مهام التبضع والشراء دائما، كما يشارك في تجهيز السلطات قبل موعد الإفطار، أما ابنتي الكبرى فتفضل غسيل الصحون قبل وبعد الإفطار، وتوكل مهمة ترتيب غرفة الطعام لولدي سيف، أما الصغير فيتكفل بتجميع النفايات وإلقائها في الخارج، ونتعاون جميعا في تحضير مائدة الإفطار والسحور كذلك”.
ترسخ عائلة أم سيف ضرورة التعاون الأسري داخل منازلنا، ويعد الشهر الفضيل فرصة للمشاركة والالتقاء على مائدة واحدة، فبتنظيم الوقت يستطيع كل من أفراد العائلة تأدية العبادات والطاعات، إلى جانب الاسترخاء والنوم في ساعات النهار، ومن ثم بدء التجهيزات اللازمة قبيل موعد الأذان.
ومن الجميل التعاون والتكاتف في هذا الشهر الفضيل بين أفراد الأسرة بتوزيع المهام والأدوار بحيث يستمتع الجميع بروحانية الشهر وطقوسه المميزة.
الشاب مازن جمعة (متزوج حديثا) يبين أنه لا يتحرج من مساعدة زوجته في أعمال المنزل، ومنها إعداد مائدة الإفطار، موضحا بقوله “الحياة الأسرية مشاركة، وزوجتي لديها عمل أيضا في الخارج وتبذل مجهودا وهي صائمة، ومن واجبي وواجب كل زوج مساعدة زوجته ليس فقط في الشهر الفضيل بل بأشهر السنة جميعها”.
ويبين الأربعيني أبو ضياء أن روحانية شهر رمضان تدفع جميع أفراد أسرته للتعاون في إعداد وجبة الإفطار، مما ينعكس عليهم في تحقيق التعاون وحبهم لبعضهم وسط أجواء من المحبة والفرح.
أما الخمسيني أبو سالم، فيقول “اعتاد ابني الصغير ذو التسع سنوات مرافقتي السوق قبيل موعد الأذان بساعات قليلة لشراء العصائر والقطايف وما يلزمها، إلى جانب خبز رمضان المفضل لديه، ويرى في هذا متعة كبيرة جدا كونه يمضي وقتا لا بأس به ينسيه الجوع والعطش”.
يضيف أبو سالم “لدي خمسة أبناء ذكور، وجميعنا نتعاون في تحضير مائدة الإفطار، وغسل الصحون، وتتولى زوجتي عملية توزيع المهام المنزلية المختلفة علينا، كما نتشارك بجميع تجهيزات العزائم”.
وتؤكد الأربعينية أم ياسر أن مبدأ وقيم التعاون تغرس في نفوس الأبناء منذ الصغر، بقولها “للأسف لم أعود أبنائي على التعاون والمساعدة، بينما شقيقتي الكبرى لديها ثلاثة أبناء ذكور يتعاونون معا في إنجاز المهام المنزلية”.
وتضيف “عندما أزور شقيقتي، وفي أي وقت، أرى منزلها مرتبا نظيفا، وفي شهر رمضان تكثر الزيارات بيننا، فأرى أبناءها يسهمون في تحضير وإعداد مائدة الإفطار، جلي الأطباق، إعداد القهوة السادة، فقد اعتادوا الأمر ونشأوا عليه لا يتذمرون منه أبدا، بل ينجزونه وهم مستمتعون”.
وتبين أم ياسر أن لديها أربعة أبناء (ولدين وبنتين) الكبير منهم في المرحلة الجامعية، لكنهم لا يتعاونون معها أبدا في أعمال المنزل، لا بالأيام العادية ولا بالشهر الفضيل، ورغم محاولاتها المتكررة في تنبيههم لأهمية التعاون داخل الأسرة، لكن بدون فائدة تذكر، مؤكدة أنها السبب في هذا الأمر، فهي لم تعزز قيم التعاون بهم منذ الصغر.
استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان يذهب إلى أن الأسرة في رمضان تلتقي في أوقات محددة على مائدة الإفطار والسحور، وتذهب معا إلى المسجد وفي عبادات تسهم في التقرب إلى الله تعالى وصفاء النفوس ولم شمل الأسرة والابتعاد عن الفرقة، موضحا أن اجتماع الأسرة قبل الإفطار يكون على التعاون في إعداد وجبة الإفطار؛ حيث يشارك الجميع في ذلك؛ الزوج والزوجة والأبناء، وهي مناسبة للتعاون داخل الأسرة والحوار أيضا الذي ربما لا يكون متاحا بهذا الشكل في أيام السنة الأخرى، خصوصا أن الوقت يكون أكثر انضباطا في رمضان وتكون النفوس أكثر قربا إلى الله تعالى.
ورمضان، كما يقول، فرصة لتعود مثل هذه العادات الحسنة والسلوكيات الطيبة التي تترك أثرها الإيجابي على الأبناء وربما تستمر بعد رمضان، لأن قيمة التعاون مطلوبة، خصوصا داخل الأسرة، وإذا ما تربى الطفل عليها فإنه بلا شك سيتعود على مثل هذه السلوكيات، ومسؤولية الكبار أن يكونوا قدوة لغيرهم في هذا المجال.
وأشكال التعاون، في رأي سرحان، متعددة في رمضان فمنها؛ إلى جانب المساعدة في إعداد وجبات الإفطار، تنظيم وترتيب المنزل، والمساعدة على القيام بالواجبات اليومية، ليكون للمرأة الوقت الكافي للقيام بالعبادات وتأدية الشعائر كما للرجل أيضا، مشيرا إلى أن الإنسان مأجور أيضا على هذه الأعمال وإن كانت في ظاهرها أعمال بسيطة لكن أجرها وأثرها كبير.
والتعاون داخل الأسرة الصغيرة لا بد أن يمتد إلى الأسرة (الممتدة)، وفق سرحان، خصوصا مساعدة الجد والجدة والأعمام والأخوال، ويتجلى ذلك في الإعداد للولائم الكبرى التي تدعى لها الأسرة الكبيرة من أخوة وأخوات وأعمام وعمات، لافتا إلى أن مثل هذه الولائم واللقاءات بحاجة إلى إعداد وتعاون قبيل الإفطار وبعده، وهي أيضا بالإضافة لذلك فرصة لتمتين العلاقات الاجتماعية والتعارف، خصوصا وأن كثيرا من الأسر أصبحت لا تلتقي إلا في المناسبات الكبيرة؛ كإفطار رمضان أو الأعياد، ما يجعل من رمضان فرصة يجب استثمارها لمثل هذه اللقاءات.

تعليقاتكم