فحوصاتك و مختبرك

سرطان الغدد الليمفاوية: التشخيص وآلية العلاج

يعرف سرطان الغدد الليمفاوية بأنه ورم يصيب الجهاز الليمفاوي، وهو أحد أجهزة المناعة مُهمتها الدفاع عن الجسم، إذ تمر خلال سيرها بتجمعات تسمى الغدد الليمفاوية، وهي عبارة عن عقد كروية تحت الإبطين وفي الرقبة والمنطقة الأربية وداخل الصدر والبطن، ويشمل الجهاز الليمفاوي أيضاً الطحال واللوزتين ونخاع العظم.
ينقسم سرطان العقد الليمفاوية عادة إلى نوعين بناءً على شكل النسيج تحت المجهر وهما:
1) هودجكن ليمفوما ( Hodgkin lymphoma).
2) اللاهودجكن ليمفوما ( non-Hodgkin lymphoma ).
تشتمل أعراض المرض على تضخم الغدد الليمفاوية في أنحاء الجسم المختلفة ونقص في المناعة ما يسهل الإصابة بالأمراض المعدية، كما يلاحظ زيادة غير طبيعية في التعرق وارتفاع في درجات الحرارة وفقدان في الوزن.
أسباب الليمفوما: السبب الأساسي بالمرض ما يزال غير معروف ولكن هناك عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة به منها: الاضطرابات الجينية والوراثية والإصابة بالأمراض الفيروسية مثل فيروس إبشتاين- بار (EBV)، كما يلعب نقص المناعة دوراً مهماً في الإصابة، والتعرض للأشعة أو العلاج الكيميائي والتعرض لفترات طويلة للمبيدات الحشرية والمواد الكيميائية.
كما بينت الدراسات أن الأفراد الذين لديهم جهاز مناعي ضعيف (مثل اضطراب المناعة الذاتية)، أو يعانون من أنواع معينة من العدوى، مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة، الإيدز، يكونون معرضين أكثر من غيرهم للإصابة بليمفوما اللاهودجكين. وعلى الرغم من أن ليمفوما اللاهودجكين يمكن أن تصيب الشباب، إلا أن فرص الإصابة بهذا المرض تتزايد مع تقدم السن. فمعظم المصابين بليمفوما اللاهودجكين تتعدى أعمارهم 60 عاما.
ومن ضمن العلاجات التي يمكن استخدامها في معالجة هذا النوع من الأورام:
1) العلاج الكيميائي: ويعتمد على استخدام العقاقير للقضاء على الخلايا السرطانية، حيث تنتقل الأدوية خلال مجرى الدم ويمكن أن تصل إلى الخلايا السرطانية في جميع أجزاء الجسم تقريبا، يستخدم لقتل الخلايا السرطانية وتقليص حجم الورم والقضاء عليه.
2) العلاج الإشعاعي وهو علاج موضعي موجه عن طريق استخدام أشعة ذات طاقة عالية بهدف قتل الخلايا السرطانية الموجودة في منطقة الإشعاع.
3) العلاج البيولوجي ويتضمن أجساما مضادة للسيطرة على أهداف محورية في نمو الخلايا السرطانية، مثل استخدام الأجسام المضادة أحادية النسيلة (Monoclonal Antibody Therapy). وهذه الأجسام تلتصق بالخلايا السرطانية لمساعدة الجهاز المناعي في القضاء عليها. ويتلقى المرضى هذا العلاج عن طريق الوريد في عيادة الطبيب أو المستشفى.
4) العلاج الكيميائي المكثف: وهو كمية عالية من العلاج الكيميائي مع زرع للنخاع العظمي، ففي بعض الحالات المستعصية قد يحتاج الشخص الذي تتكرر إصابته بالليمفوما إلى إجراء عملية زرع خلايا جذعية. وتجدر الإشارة إلى أن زراعة الخلايا الجذعية المكونة للدم تتطلب أن يتلقي المريض جرعات عالية من العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي أو كلاهما، وهذه الجرعات الكبيرة تعمل على تدمير كل من خلايا سرطان الليمفوما وخلايا الدم السليمة داخل نخاع العظام. وبعد ذلك، يتلقى المريض خلايا جذعية مكونة للدم صحية من خلال أنبوب مرن يتم وضعه في أحد الأوردة كبيرة الحجم في منطقة الرقبة أو الصدر، وتنمو خلايا دم جديدة من الخلايا الجذعية التي تم زرعها. يتم إجراء عمليات زرع الخلايا الجذعية في المستشفى، وقد تأتي هذه الخلايا الجذعية من المريض نفسه أو من متبرع.
آلية علاج الهودجكن ليمفوما (Hodgkin lymphoma)
تعتمد الآلية على المرحلة السريرية وعلى العمر؛ حيث نلجأ إلى المعالجة الإشعاعية حين لا تكون هناك مشكلة بالنسبة إلى نمو العظام أي في سن اليفع أو الشباب خاصة عند إعطاء جرعات إشعاعية عالية للمريض، أما في الأطفال الصغار وفي سن النمو العظمي فيفضل إعطاء العلاج الكيماوي، ولكن هنالك بعض الحالات الخاصة تحتم استخدام الإشعاع لكن بشكل محدود وموضعي. يميل داء هودجكن إلى أن يتتبع تقدماً تشريحياً واقعياً في إصابته للعقد الليمفاوية فمثلاً المريض الذي يبدو عليه تضخم في العقد الرقبية قد تكون العقد المصابة هي عقد فوق الترقوة أو في المنتصف وليس من المحتمل أن تكون العقد فوق الحوض متضخمة أو أن يكون الكبد مصاباً، وهذا مبدأ عام في تقصي المرحلة التي وصل إليها المريض، فعلى سبيل المثال نقول: لو كانت العقدة المتضخمة في الرقبة ولم يتضح بالتصوير الطبقي المحوري تضخم سواها فمن النادر أن يكون المرض قد انتشر إلى منطقة البطن.
وقد يكون من الضروري لتحديد المرحلة التي وصل إليها المريض بكل دقة عن طريق فتح البطن الاستقصائي وأخذ خزعة من الكبد ومن عقد ليمفاوية متنوعة واستئصال الطحال.
إذا كان المريض قد وصل إلى المرحلة  الثالثة من المرض أو حتى المرحلة الرابعة، فإن العلاج يكون كيماوياً ولا حاجة لفتح البطن في هاتين المرحلتين لأن خطة العلاج لن تتغير.
أما إذا كانت عقد المنتصف متضخمة وعقد الرقبة مصابة وكان تصوير الأوعية الليمفاوية يوحي بإصابة منطقة الحوض، عندها قد يكون فتح البطن الاستقصائي ضرورياً لتحديد المرحلة التي وصل لها المريض هل هو في المرحلة الثانية أم في الثالثة، لأن المداواة بالأشعة في هاتين المرحلتين واردة.
يعالج داء هودجكن بالأشعة أو المواد الكيماوية أو بكلتيهما في بعض الأحيان، ويوصى بالإشعاع لمرضى المرحلة الأولى والثانية، ولكن قد تكون ضخامات بعض العقد شديدة جداً عند بعض المرضى وهم في المرحلة الثانية اللاعرضية فتطبق عليهم أولاً المعالجة الكيميائية بغية تقليص حجم الورم ومن ثم العودة لاستخدام العلاج بالأشعة.
أما المرضى في المرحلة الثانية فما يزال الخلاف عليهم قائماً لارتفاع نسب الانتكاس فيهم عند تطبيق المداواة بالإشعاع فقط.
أما مرضى المرحلة الثالثة والمرحلة الرابعة فتطبق عليهم المعالجة الكيميائية، وذلك لتفشي المرض وانتشاره الواسع وعدم الأمل بشفائهم بالأشعة وحدها.
إن أعظم تقدم حدث في العلاج الكيماوي لمرض الهودجكن ليمفوما هو تطبيق برتوكول مشترك من الأدوية الكيماوية (MOPP) استطاع علاج مرضى المراحل المتقدمة، ويتألف هذا البروتوكول من الخردل الأزوتي (mustard nitrogen) والفينكريستين (Vincristine) والبروكاربازين (Procarbazine) والبردنيزون ((Prednisone.
وما يزال هذا البرنامج إحدى أفضل الطرق لمعالجة الهودجكن ليمفوما في المراحل المتقدمة، وعدد أشواط العلاج بهذا البرتوكول ستة أشواط وقد يكتفي بعض الأشخاص بفترة أقل خاصة إذا انخفضت الكريات البيضاء، والصفيحات وإذا ظهر اعتلال عصبي ينصح بالتقليل من جرعة الخردل الأزوتي والبروكاربازين.
أما إذا حدث انتكاس أو الاستجابة كانت ناقصة نتحول لاستخدام الطريقة الملطفة باستخدام دواء واحد أو نطبق طرق أخرى أقل عدوانية كبروتوكول (ABVD) الذي يتألف من الأدوية التالية: Adriamycin,  Vincristine, Bleomycin, Dacarbazine
آلية علاج الورم الليمفاوي غير الهودجكن (Non- Hodgkin Lymphoma)
هناك عدة طرق يتم استخدامها في علاج الورم الليمفاوي غير هودجكن. ويختلف اختيار طريقة العلاج المناسبة من شخص إلى آخر تبعاً لعدة عوامل، منها: إذا كانت أول إصابة بالمرض أو أنها متكررة (عودة المرض مرة أخرى)، ونوع الورم الليمفاوي، ومرحلة المرض التي وصل إليها المريض، وأخيراً الحالة الصحية للمريض، وعمره.
وقد كان العلاج الأساسي للورم الليمفاوي غير الهودجكن هو العلاج الكيميائي، لكن حديثا يتم الجمع بين العلاج الكيميائي والعلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة ((Monoclonal Antibody Therapy والتي قد تستخدم أحياناً وحدها بالعلاج.
وهناك أيضا العلاج الإشعاعي لكنه يكون مفيدا وفعالا في حالات معينة، عندما يكون السرطان موجودا في مكان واحد محدد بالجسم أو مكانين على الأكثر. وفي بعض الحالات يحتاج العلاج استخدام جرعات عالية من العلاج الكيميائي مما يؤدي إلى تدمير النخاع العظمي والذي يمكن إصلاحه باستخدام زرع خلايا جذعية (Stem Cells Transplantation)
وبعض المرضى المصابين بالنوع البسيط (الكسول) لا يشتكون من الليمفوما في البداية ولا يحتاجون إلى البدء في العلاج مباشرة فقط تتم متابعتهم عن طريق إجراء الكشف الطبي المستمر والفحوصات الدورية وهذا ما يسمى المتابعة والانتظار.
طرق العلاج المختلفة للورم الليمفاوي غير الهودجكن:
– المتابعة والانتظار  (Watch & Wait)
– العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة ( Monoclonal Antibody Therapy)
– العلاج الكيميائي (Chemotherapy)
– العلاج بالأشعة  (Radiation therapy)
– الجراحة (Surgery)
– التعامل مع الأعراض (Managing Symptoms)
– علاج المرض المتكرر (Treatment of relapses)
– زراعة النخاع العظمي (Transplantation)
علاج الورم الليمفاوي غير الهودجكن بالأجسام المضادة أحادية النسيلة
يعد العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة (Monoclonal antibody therapy) أحدث طرق العلاج الحالية لليمفوما، وقد مثل تطوره أكبر تقدم في علاج الورم الليمفاوي غير الهودجكن في السنوات الأخيرة. والأجسام المضادة أحادية النسيلة المستخدمة في علاج الورم الليمفاوي غير الهودجكن هي الريتوكسيماب (Rituximab) وهو فعال في علاج بعض الأنواع الشائعة من الليمفوما.
ويتم استخدامه منفردا في بعض الحالات، وفي حالات أخرى يستخدم بالإضافة إلى العلاج الكيميائي. واستخدامه بجانب العلاج الكيميائي لا يزيد من الأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي. على العكس في عديد من المرضى يزيد العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة من فاعلية العلاج الكيميائي، كما يزيد من فرص الشفاء عما مقارنةً مع استخدامه منفرداً.
والهدف من العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة هو القضاء على خلايا الورم الليمفاوي غير الهودجكن (الخلايا السرطانية) دون إلحاق الأذى بالخلايا الأخرى الطبيعية. وبالنسبة للأعراض الجانبية للعلاج فقذ تحدث عند بداية وأثناء تناول العلاج وتقل تدريجياً في الجرعات التالية. ونادراً ما تستمر أكثر من عدة دقائق أو ساعات.
طريقة العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة:
يقوم العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة بتدمير الخلايا السرطانية معتمداً على أن جميع خلايا الجسم (وكذلك الخلايا السرطانية) تحتوي على علامات بروتين على سطحها تسمى مستضدات (antigens) والأجسام المضادة أحادية النسيلة مصممة في المعمل بحيث تتعرف على المستضدات الموجودة على سطح بعض الخلايا السرطانية. فعندما تجد هذه العلامات البروتينية (المستضدات) على سطح الخلية السرطانية تتعرف عليها وتقوم بالإمساك بها، ما يؤدي إلى أن تقوم الخلية السرطانية بتحطيم نفسها، أو تقوم بإرسال إشارات إلى جهاز المناعة بالجسم كي تهاجم تلك الخلايا السرطانية و تقضي عليها.

تعليقاتكم