فحوصاتك و مختبرك

نقص الانتباه وفرط الحركة: التشخيص والعلاج

يعد اعتلال أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (Attention deficit hyperactivity disorder- ADHD) من الأمراض التي تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة ويمكن أن تستمر إلى مرحلة البلوغ، ويتميز هذا الاعتلال بسلب قدرة الأطفال على التركيز والانتباه.
كما يتميز الأطفال الذين يعانون من هذا المرض بسهولة تشتت الانتباه نتيجة لأي إثارة خارجية، بالإضافة إلى العصبية، وهذا يصعب عليهم إنجاز المهمات سواء كانت الاستماع إلى المعلم أو الانتهاء من عمل روتيني. يقدر المعهد الوطني للصحة العقلية  أن 3 % إلى 5 % من الأطفال يعانون من مرض نقص الانتباه وفرط الحركة، ويعتقد الخبراء أن الرقم قد يصل إلى 10 %.
تنقسم مشكلة فرط الحركة مع قلة التركيز إلى ثلاثة أنواع:
1 – النوع الأول ويظهر فيه قلة التركيز وفرط الحركة معاً.
2 – النوع الثاني ويغلب عليه قلة التركيز.
3 – النوع الأخير ويغلب عليه فرط الحركة والاندفاع.
مآل المرض
يتحسن بعض هؤلاء الأطفال تدريجياً ودون الحاجة للعلاج، بينما تستمر المشكلة عند غالبية الأطفال لفترة طويلة، وبعضهم ( تقريباً 30 %) تستمر المشكلة لديهم طوال العمر.
عوامل تزيد من احتمالية إصابة الطفل بمرض نقص الانتباه وفرط الحركة:
يحدث هذا المرض نتيجة مجموعة عوامل وراثية وأخرى طبية؛ أما الوراثية فوُجد أن للأطفال المصابين أقارب مصابين بصعوبات التعلم وزيادة في الاضطرابات الوجدانية، ووُجد بين أقاربهم أشخاص مدمنون أو مصابون باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. أما الأسباب الطبية فتتلخص بالتالي:
• ضعف صحة الأم (كأن تكون الأم صغيرة السن، أو كانت مدخنة أو مدمنة خلال الحمل).
• حدوث مضاعفات أثناء الولادة (ولادة طويلة متعسرة أو نقص الأكسجين).
• تأخر الولادة أو صغر حجم الطفل عند الولادة.
• سوء (قلة) التغذية خلال الشهور الأولى من عمر الطفل.
• بعض الأمراض الوراثية مثل تكسر الدم.
• إصابات الدماغ (حوادث أو التهاب).
التأثير الثانوي لمرض نقص الانتباه وفرط الحركة:
يتعرض المصابون بنقص التركيز وفرط الحركة لبعض الآثار الجانبية والمشكلات المختلفة منها:
•  قلة الثقة بالنفس.
• الفشل الدراسي.
• حوادث السيارات.
• تغيير مكان الإقامة الدائم.
• الظهور بالمحكمة لبعض المشكلات السلوكية أو الحوادث المرورية.
• محاولة الانتحار.
• يكون المراهقون أكثر عرضة للإدمان وخاصة إذا كان لديهم سلوك عدائي للمجتمع.
التشخيص
ليس هنالك اختبار واحد لتشخيص اضطراب نقص الانتباه و فرط الحركة مما يصعب عملية تشخيص هذا الاضطراب. ويعد جمع أكبر قدر من المعلومات التي تتعلق بالطفل المصاب أفضل الطرق لتشخيص هذا الاضطراب بدقة ولنفي احتمال الإصابة باضطرابات أخرى كثيرة قد تصيب الأطفال في مرحلة الطفولة.
ويتم تشخيص الإصابة بالمرض إذا استمرت الأعراض التالية لأكثر من ستة شهور:
1 – قلة التركيز: من أهم الأعراض التي تميز المرض، وهي عدم القدرة على الانتباه للتفاصيل الدقيقة أو تكرر الأخطاء في الواجبات المدرسية، أو في الأعمال المطلوبة من الطفل. بالإضافة إلى صعوبة استمرار التركيز على العمل أو النشاط مثل اللعب، وصعوبة متابعة التعليم، وصعوبة الفهم وتنظيم أمور الطفل، وتجنب الانخراط في أنشطة تتطلب جهداً ذهنياً مستمراً كالدراسة مثلاً، وتكرار فقدان أشياء الطفل الخاصة، والنسيان والانعزال.
2 – فرط النشاط: حركة دائمة باليد أو القدم (إحساس بالتوتر لدى المراهقين)، عدم القدرة على الجلوس عندما يكون ذلك إلزامياً أو مطلوبا، الحركة الدائمة أو تسلق الأشياء في الأوقات أو الأماكن غير الملائمة، عدم القدرة على انتظار الدور في الألعاب أو المجموعات، عدم القدرة على إكمال النشاط والانتقال من نشاط لآخر.
3 – الاندفاع والحماس: وتتلخص بالكلام الزائد، ومقاطعة الآخرين أو التدخل في العاب الأطفال الآخرين، والانخراط في العاب حركية خطيرة دون تقدير للعواقب (مثل الجري في الشارع دون انتباه).
ويعتمد التشخيص أيضاً على ظهور هذه الأعراض قبل سن السابعة وفي مكانين أو أكثر مثلاً في البيت والمدرسة. غالباً يكون هناك تأثير واضح على الشخص المصاب من الناحية الاجتماعية أو الأكاديمية والوظيفية، وحيث إنه لا يوجد فحص محدد للكشف عن المرض فتعتبر الأعراض والتغيرات في السلوك هي المعيار الوحيد للتشخيص.
فإن تشخيص الإصابة بهذا الاضطراب لدى الأطفال الصغار ينبغي أن يتم من قبل اختصاصي في الموضع، مثل اختصاصي علم النفس أو طبيب نفس أو اختصاصي تطور الطفل.
العلاج
يمكن علاج هذا المرض بطرق مختلفة من خلال معالجة الأعراض وتحسين سلوك الأطفال في البيت والمدرسة ومع الأصدقاء، ويجب تثقيف الوالدين وتعريفهما بطبيعة المرض والعلاج حيث إن الشفاء التام غير ممكن، ولكن يمكن السيطرة على المرض ومنع الأعراض والحد من تطورها.
قد يكون علاج مرض نقص الانتباه وفرط الحركة بإحدى الطرق التالية:
1 – عمل برنامج يخدم حاجات الطفل في المدرسة ضمن قدراته أو إدخاله مدرسة تحوي فصولاً للتعليم الخاص؛ يقوم فيها المعلمون بإجراء تغييرات في الفصول الدراسية تحسن أداء الأطفال مثلا أن يكتب المعلم مفكرة بالواجبات اليومية المطلوبة من الطفل والتي تحل مشكلة النسيان، أو منح الطفل وقتا إضافيا لإنهاء العمل المدرسي. يجب على الآباء العمل مع المعلمين والمدرسة لإنشاء “الخطة المدرسية” التي هي حق لأطفالهم. مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن خطة المدرسة قد تحتاج إلى تغيير بمرور الوقت مع تقدم الطفل في العمر أو إذا تغيرت الأعراض.
2 –  العلاج السلوكي: لعلاج سلوك معين في الطفل المصاب فيمكنك تحسين سلوك طفلك عن طريق إجراء تغييرات في المنزل من خلال عمل قائمة مرجعية كل صباح ليتذكر الطفل ما يجب القيام به خلال اليوم.
3 – الغذاء: قد يكون من المفيد تناول بعض الفيتامينات وتجنب الأغذية المحتوية على صبغات على الرغم من عدم وجود إثبات قاطع (خصوصاً للأطفال دون سن السادسة).
4 – العلاج الدوائي: يكون ضرورياً في كثير من الحالات حيث إنه يساعد الطفل على الهدوء وبالتالي زيادة التركيز. غالبا ما تكون الأدوية فعالة جداً في تحسين حالة الطفل، ولكنها يمكن أن تتسبب في آثار جانبية. أخبري طبيبك إذا كان طفلك لديه أي مشاكل في أخذ الدواء.
** عند موافقة والدي الطفل على البدء باستخدام الدواء لعلاج الطفل ( في سن المدرسة أو المراهقة) فتفضل المعالجة باستخدام الأدوية المنشطة أو المحفزة ( stimulants )
1 – الأدوية المنشطة للجهاز العصبي ( stimulants): تعمل هذه الأدوية على تنشيط الدماغ وموازنة مستويات/ تركيز المواد الكيميائية في الدماغ، والمعروفة باسم الناقلات الكيميائية بين الأعصاب (النواقل العصبية – Neurotransmitters)، وبالرغم من أن هذه الأدوية لها تأثير منشط ومحفز لدى معظم الناس، إلا أن تأثيرها مهدئ في الأشخاص الذين لديهم هذا المرض. هذه الأدوية تساعد على زيادة فترة انتباه الطفل وتقليل سلوكيات التسرع وفرط نشاط، وهي الاختيار الأول وتستخدم في الحالات المتوسطة والشديدة  مع الأخذ بعين الاعتبار رغبة المريض والأهل، وتفضل على الأدوية الأخرى لأنها سريعة المفعول وآمنة وفعّالة، وتشمل ما يلي: methylphenidate, dextroamphetamine, atomoxetine
الآثار الجانبية للأدوية المنشطة
قد تسبب الأدوية المنشطة المستخدمة في العلاج بعض الآثار الجانبية، والتي تميل إلى أن تحدث في وقت مبكر من العلاج وعادة ما تكون خفيفة وقصيرة الأجل، ومنها:
• فقدان الشهية للطعام ونقصان الوزن، لذا ينصح الأهل بمتابعة غذاء أبنائهم والتأكد من حصولهم على كميات كافيه من الأغذية الصحية والمتوازنة.
• مشاكل في النوم، لذا ينصح الأهل بإعطاء الدواء لطفلهم في الصباح وتجنب أخذه في المساء، وإذا كان لا بد من جرعه مسائية فلتكن من غير المنشطات.
•   الصداع.
•   العصبية.
2 – الأدوية غير المنشطة (nonstimulant):
وتستخدم هذه المجموعة في حالة عدم فعالية المنشطات أو تسببها في أثار جانبية غير مرغوبة، وأول دواء تمت الموافقة عليه من قبل منظمة الغذاء والدواء هو (atomoxetine) ويستخدم في الأطفال والمراهقين، والبالغين. يمكن لهذه الأدوية تحسين التركيز والسيطرة على جميع الانفعالات.
3 – أدوية أخرى يتم استخدامها في حالة عدم فعالية الأدوية المنشطة وغير المنشطة، أو عدم تحملها من قبل المريض هي مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات مثل  ( Imipramine)، وأدوية أخرى مثل: ( Clonidine ، Bupropion)
تعتمد مدة العلاج بالأدوية لمرض نقص الانتباه وفرط الحركة على الطفل نفسه، فبعض الأطفال تستمر فترة المعالجة سنة أو سنتين بينما يحتاج البعض إلى فترة أطول وقد تستمر المعالجة إلى سن المراهقة.
من المهم أن يؤخذ الدواء بالطريقة التي يصفها الطبيب لك، ويجب المتابعة مع الطبيب أو الصيدلاني للحصول على أفضل نتيجة ممكنة لهذه الأدوية.

إعداد: لانا خالد ربابعة/ دكتور صيدلة إشراف: د. خولة نصير

تعليقاتكم