مقالات طبية

العلاج المعرفي السلوكي للأرق

صحة نيوز – الأرق هو مشكلة شائعة تتسم بحدوث مشكلات في الدخول في النوم أو في استمراره أو الحصول على قسط كاف منه، على الرغم من توفر فرصة النوم الكافي. والعلاج السلوكي المعرفي للأرق (Cognitive behavioral therapy for insomnia, CBT-I) عبارة عن علاج فعال للأرق للتغلب على مشكلات النوم المزمنة.

والعلاج السلوكي المعرفي للأرق عبارة عن برنامج منظم يساعدك في تحديد واستبدال الأفكار والسلوكيات التي تسبب مشكلات النوم أو تزيد تفاقمها، كما يساعدك في اكتساب العادات التي تعزز النوم الجيد. وخلافًا للأقراص المنومة؛ فإنه يساعدك على التغلب على الأسباب الكامنة لمشكلات النوم.

ومن أجل تحقيق تغييرات فعالة، يجب فهم دورات النوم ومعرفة كيف تؤثر المعتقدات والسلوكيات والعوامل الخارجية على نومك. وللمساعدة في اتخاذ القرار بشأن أفضل علاج للأرق، فقد يجعلك معالج النوم تحتفظ بدفتر يوميات تفصيلي عن نومك لفترة من أسبوع إلى أسبوعين.
ما مدى تأثير العلاج السلوكي المعرفي للأرق؟
يهدف العلاج السلوكي المعرفي للأرق إلى تحسين عادات النوم والسلوكيات؛ فمن خلال الجانب المعرفي سوف تتعرف إلى كيفية تمييز العادات التي تؤثر في قدرتك على النوم ومن ثم تغييرها. على سبيل المثال، قد يتضمن هذا الجانب تعلم كيفية السيطرة على الأفكار السلبية وبواعث القلق التي تجعلك يقظًا أو التخلص منها.

أما الجانب السلوكي فيساعدك على اكتساب عادات جيدة للنوم، وتجنب السلوكيات التي تعيقك عن النوم المريح.
أساليب العلاج المعرفي السلوكي للأرق
واستنادًا إلى احتياجاتك، قد يوصي معالج النوم ببعض الأساليب التالية للعلاج:

1. العلاج عن طريق التحكم في المحفزات. تساعد هذه الطريقة في تجنب العوامل التي تجعل العقل يقاوم النوم. على سبيل المثال، يمكن تدريبك على تحديد وقت ثابت للنوم والاستيقاظ وتجنب نوم القيلولة، وعدم استخدام السرير إلا في النوم والجماع، وترك غرفة النوم إذا لم تستطع النوم في غضون 20 دقيقة، وألا ترجع إليها إلا عندما تشعر بالنعاس.

2. تقييد فترة النوم. إن الاضطجاع على السرير وأنت مستيقظ قد يصبح عادة تؤدي إلى عدم انتظام النوم؛ وطريقة العلاج هذه تقلل الوقت الذي تستغرقه في سريرك وأنت مستيقظ؛ مما يؤدي إلى الحرمان الجزئي من النوم، وهو ما يجعلك تشعر بتعب أكثر في الليلة التالية، وفور تحسن حالة النوم لديك، يزيد وقت نومك تدريجيًا.

3. النوم النظيف. تتضمن هذه الطريقة في العلاج تغيير العادات الأساسية التي تؤثر على النوم مثل التدخين أو الإفراط في تناول الكافيين آخر اليوم أو الإفراط في تناول الكحوليات أو عدم ممارسة الرياضة بانتظام. كذلك، تتضمن هذه الطريقة نصائح تساعدك على النوم بنحو أفضل مثل التمشية في الهواء الطلق قبل ساعة أو ساعتين من وقت النوم.

4. تحسين بيئة النوم. تُمكنك هذه الطريقة من توفير بيئة مريحة للنوم، مثل الحفاظ على الهدوء والظلام والبرودة في غرفة النوم، وعدم وضع جهاز تلفاز فيها، وإخفاء الساعات بعيدًا عن الأنظار.

5. التدريب على الاسترخاء. يساعد هذا التدريب على بقاء عقلك وجسمك هادئين، وتتضمن طرق الاسترخاء كلاً من التأمل والتخيل واسترخاء العضلات وغير ذلك.

6. اليقظة دون ممارسة نشاط. وتسمى هذه الحالة أيضًا بالنية المتناقضة، وتتضمن تجنب أي مجهود لمحاولة النوم. فمجرد القلق من عدم التمكن من النوم قد يجعلك مستيقظًا في واقع الأمر، وذلك رغم أن قلقك ناتج بسبب محاولتك النوم. وعند التخلص من هذا القلق، ربما تستطيع الاسترخاء ويسهل عليك النوم.

7. الارتجاع البيولوجي. تتيح لك هذه الطريقة ملاحظة العلامات البيولوجية مثل معدل ضربات القلب وتوتر العضلات وتوضح لك كيف تتحكم في هذه العلامات أيضًا، وقد يجعلك اختصاصي النوم تَستخدم جهازًا للارتجاع البيولوجي في المنزل لتسجيل أنماط عاداتك اليومية، ويمكن لهذه المعلومات أن تفيد في تحديد الأنماط التي تؤثر على النوم.

وقد تتضمن خطة العلاج الأكثر فاعلية الجمعَ بين العديد من هذه الطرق.
مقارنة بين العلاج السلوكي المعرفي واستخدام الأقراص
يمكن أن تكون أدوية النوم علاجًا فعالاً قصير الأمد، فعلى سبيل المثال يمكن لتلك الأدوية أن توفر التخلص الفوري من ارتفاع الضغط أو الشعور بالحزن. وقد تمت الموافقة على بعض أدوية النوم الحديثة للاستخدام طويل الأمد. ولكنها قد لا تكون أفضل علاج طويل الأمد للأرق.

قد يكون العلاج السلوكي المعرفي للأرق خيارًا جيدًا للعلاج إذا كنت تعاني من مشكلات في النوم طويلة الأمد، ويمكنك تجربة هذه الطريقة إذا كنت قلقًا من أن تصبح مدمنًا لأدوية النوم، أو إذا لم تكن الأدوية فعالة، أو إذا كانت تسبب آثارًا جانبية مزعجة.

وبخلاف الأقراص، يعالج العلاج السلوكي المعرفي المشكلات الكامنة للأرق بدلاً من مجرد التخلص من الأعراض. ولكنه يستغرق وقتًا – وجهدًا – حتى يكون فعالاً. وفي بعض الحالات، قد يكون الجمع بين أدوية النوم والعلاج السلوكي المعرفي هو أفضل طرق العلاج.
الأرق والاضطرابات الأخرى
يرتبط الأرق بعدد من الاضطرابات الصحية البدنية والعقلية وإدمان المخدرات. كذلك، تزيد قلة النوم المستمرة من خطر الإصابة بالأمراض والعدوى وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وداء السكري والألم المزمن. وقد تؤدي أيضًا بعض الأدوية إلى الإصابة بالأرق.

فإذا كنت تعاني من حالة أو آثار دواء ترتبط بالأرق، فاستشر طبيبك عن أفضل الطرق لكيفية التوفيق بينها وبين مشكلات النوم. ولا يُحتمل أن يتحسن الأرق دون علاج.
الحصول على المساعدة
هناك عدد قليل من الاختصاصيين المعتمدين في طب النوم السلوكي، وقد لا يتوفر أحد الممارسين بالقرب منك. كذلك، قد تضطر إلى البحث للعثور على ممارس مدرَّب وتحديد نوع وجدول العلاج بما يناسب احتياجاتك.

يمكن أن يختلف نوع العلاج – مثل العلاج الجماعي والفردي – ومعدل تكرار الجلسات، ويعتمد ذلك على تعليمات الطبيب المعالج. ويمكن أن تحتاج إلى مجرد جلستين أو أكثر بما يصل إلى ثماني جلسات أو أكثر، وذلك حسب توصيات خبير النوم والبرنامج ومدى تقدمك.

عند الاتصال لتحديد موعد، اسأل الممارس عن طريقته وما يمكن توقعه. كذلك، من الجيد التحقق مسبقًا ما إذا كان تأمينك الصحي سوف يشمل نوع العلاج الذي تحتاج إليه أم لا.

يمكن أن تفيدك الكتب أو الأقراص المدمجة أو المواقع الإلكترونية التي تهتم بأساليب العلاج السلوكي المعرفي، ولكنها لا يمكن أن تحل محل أهمية الزيارة الشخصية لاختصاصي في طب النوم.
مَن الذي يمكن أن يستفيد من العلاج السلوكي المعرفي للأرق؟
يمكن للعلاج السلوكي المعرفي للأرق أن يفيد كل شخص تقريبًا يعاني من مشكلات في النوم. على سبيل المثال، يمكن لطريقة العلاج أن تفيد كبار السن الذين يتناولون أدوية للنوم منذ سنين والأشخاص الذين يعانون من مشكلات بدنية مثل الألم المزمن ومَن يعانون من الأرق باعتباره الحالة الأساسية. والأكثر من ذلك هو أنه من المتوقع أن تدوم الآثار طويلاً. ولا يوجد دليل على أن العلاج السلوكي المعرفي للأرق له آثار جانبية سلبية.

ويتطلب العلاج السلوكي المعرفي للأرق استمرار ممارسته، فبعض الطرق قد تفقدك القدرة على النوم في البداية. ولكن التزم به، فربما ترى النتائج المستدامة.

تعليقاتكم