أخبار الصحة

حالات تعذيب تمييزي ضد ذوي الإعاقة – تفاصيل

صحة نيوز – أظهرت دراسة حقوقية وجود “حالات فظيعة من التعذيب التمييزي وضروب أخرى من سوء المعاملة التمييزية ضد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية”.
واعتبرت أن “الحكومة مقصرة في التزاماتها بموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحديدا في مجال حمايتهم، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية لهم، فضلا عن وجود ثغرات قانونية كثيرة تضمن إفلات المسيئين من العقاب”.
وحملت الدراسة، التي أعدتها مؤسسة الحقوق المتساوية، بالشراكة مع مجموعة ميزان للقانون، عنوان “صرخات عبر الجدران”، وتناولت فيها ما أسمته “التمييز والتعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية في الأردن”.
وأظهرت وجود “تمييز واسع النطاق ضد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية”، كما “تسود وصمة عار اجتماعية، وتغيب الإجراءات الحكومية المناسبة”.
وأشارت إلى “وجود دعاوى تعنيف جسدي وجنسي للأطفال في مؤسسات الرعاية الإيوائية، وكذلك في مراكز التأهيل النهارية، كما ان الدعاوى تشمل كلا من المؤسسات العامة والخاصة”.
وطالبت بضرورة إلغاء دور الإيواء المخصصة لذوي الإعاقة، باعتبار أن “فصل الطفل عن عائلته بسبب إعاقته، إنما يشكل تمييزا ضده، وهذا مخالف لكل من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل”.
وفي هذا الصدد، قالت المديرة التنفيذية لمجموعة “ميزان” المحامية إيفا أبو حلاوة، إنه “رغم صدور توصيات اللجنة الملكية، والتي قدمت تقريرا مفصلا عن الانتهاكات الواقعة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في دور الرعاية، لكن الدراسة كشفت عن استمرار الانتهاكات التي ترقى إلى التعذيب، سواء كان ذلك نتيجة للاعتداءات أو الاحتجاز الإجباري للأشخاص ذوي الإعاقة”.
وكانت لجنة التحقيق الملكية باوضاع مراكز الرعاية، التي تشكلت العام 2012، رصدت 69 شكوى من “تعنيف جسدي ونفسي وجنسي يجري في دور الرعاية، لكن الإجراءات التي تم اتخاذها بعد نتائج التحقيق كانت محدودة جدا، حيث لم يتم اتهام أحد فيما يتعلق بحالات التعنيف” بجسب ابو حلاوة.
واكتفى التقرير الحكومي بحثّ وزارة التنمية الاجتماعية على الرد على الشكاوى، وتحسين نظم ترخيص ومراقبة هذه الدور.
وشددت أبو حلاوة لـ”الغد”، على أهمية “تعديل التشريعات، بحيث تضمن تغليظ العقوبات في الجرائم الواقعة على الأشخاص ذوي الإعاقة”.
وأضافت: “يتم حاليا الأخذ بالأذى الجسدي والجنسي فقط، فيما يتم إهمال أنواع الأذى الأخرى كالنفسي، كما أن التحدي الآخر يكمن في أن القانون لا يأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الجوهرية بحال تم الاعتداء على شخص ذي إعاقة عاجز عن الدفاع عن نفسه، أو التبيلغ عن الأذى”.
وقالت إن “نسبة كبيرة من حالات الإيذاء ضد ذوي الإعاقة لا يتم التبليغ عنها، لعدم قدرة الضحايا على التعبير”، مشيرة إلى أن الدراسة تضمنت مجموعة من التوصيات للحكومة والمجتمع المدني.
وأشارت إلى فحوى عدد من الدعاوى والقضايا المرفوعة من أهالي وأشخاص متضررين، قائلة إنها تتوزع بين دعاوى “عنف جسدي وجنسي”، و”إيداع قسري”، و”تمييز في المجتمع والحرمان من الخدمات”.
وقالت إن “بعض الحالات التي توجهت للقضاء قبل نحو 5 أعوام لم يتم صدور قرار قضائي بها لغاية الآن”.
من جهته، يروى المواطن هاني الكخن قضية ابنه زيد، التي رفعها أمام القضاء قبل خمسة أعوام، بقوله: “فوجئت عام 2012 بظهور ابني في فيلم وثائقي لوكالة أنباء (بي بي سي)، تناول إساءة لأشخاص ذوي إعاقة داخل دار ابن خلدون، والتي صدر قرار بإغلاقها بعد نشر الفيلم”.
ويضيف: “يعاني ابني من شلل دماغي غير توازني، وهو غير قادر على الحركة والكلام، أما عمره العقلي فيقدر بسنة واحدة فقط”.
وقد ظهر الكخن في الفيلم وهو “يتعرض لضرب مبرح من قبل المشرفة على قدميه، ولاحقا بعد زيارة الأب لابنه، تبين وجود كدمات على قدمه اليمنى وتقرحات في فمه، كما تبين أن ابنه البالغ من العمر اليوم 24 عاما، لم يكن يتلقى أدويته بانتظام، ما أثر سلبا على وضعه الصحي”.
ويبين والده أن “المحكمة طلبت مؤخرا تقريرا طبيا، حيث قررت اللجنة الطبية أن مدة التعطل التي أصابت زيد 10 أيام”.
وتلفت أبو حلاوة إلى “ضرورة أن يتم تغليظ العقوبات بموجب القانون، في حال كان الضحية من ذوي الإعاقة، إلى جانب أهمية الأخذ بالضرر النفسي على الضحية”.
وحول وضع ابنه حاليا، يبين الكخن: “نقلت ابني إلى مركز رعاية آخر، حيث يصعب علينا توفير الرعاية له في المنزل، ووضع زوجتي الصحي لا يسمح لها برعايته، فهو يعتمد كليا على المساعدة، كما فشلت جميع المحاولات بتعيين ممرض منزلي أو مرافق”.
وتؤكد أبو حلاوة في هذا السياق، على أهمية تمكين الاشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم لضمان بقاء المريض مع عائلته وتوفير التسهيلات اللازمة لذلك، محذرة من الأثر السلبي لنظام الإيواء على هذه الفئة.
وتشير الدراسة إلى “ضرورة النظر في تراكم التأثيرات الناجمة عن التعنيف الجسدي والجنسي، جنباً إلى جنب مع التأثيرات الناجمة عن الإيداع”، لافتة إلى أنه “في عدد من القضايا المعروضة على المحاكم الدولية، اعتبرت أعمال الاعتداء الجنسي والعنف، في حالات الاحتجاز، بأنها ترقى إلى التعذيب”.
وأظهرت الدراسة “وجود تمييز واسع النطاق ضد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في الأردن، لا سيما في مسألتي الرعاية الصحية والتعليم، إذ تسود وصمة عار اجتماعية، وتغيب الإجراءات الحكومية المناسبة”.
وتشير إلى أن “الأردن مقصر أيضاً في التزاماته بموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فهو ما يزال يقدّم تعليماً منفصلاً، وما يزال مقصراً في توفير التعليم الشامل”.
كما أشارت إلى “حالات فظيعة من التعذيب التمييزي وضروب أخرى من سوء المعاملة التمييزية تحدث على شكل تعنيف جسدي وجنسي للأطفال في مؤسسات الرعاية، وكذلك في مراكز التأهيل النهارية، كما أن الدعاوى تشمل كل المؤسسات العامة والخاصة”.
وترى الدراسة في هذه العوامل بأنها “تشكل مؤشرات على وجود انتهاكات مباشرة تتهم بها الدولة أولاً، وكذلك على أوجه قصور خطيرة في التزامات الدولة ببذل العناية الواجبة”. كما ترى أن “الإيداع في مؤسسات الرعاية هو بحد ذاته انتهاك لحقوق ذوي الإعاقة، ويعدّ في كثير من الحالات بمثابة انتهاك للحق في عدم التعرض للمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة”، مبينة أن “الإيداع الإجباري على أساس الإعاقة تعسف”.
وفي مجال حق ذوي الإعاقة بالصحة، بينت أن “عددا من الأشخاص الذين تم الالتقاء بهم، شكوا من عدم تلقيهم رعاية طبية كافية لعلاج إعاقتهم، أو حرمانهم من الرعاية الطبية لأمراض أخرى لا تتعلق بالإعاقة”، معتبرة أن هذه الحالات “قد ترقى إلى سوء المعاملة حينما تسبب ألما وعذابا”.
وأوصت “بضرورة إنهاء ممارسة إيداع البالغين والأطفال ذوي الإعاقة الذهنية في مؤسسات الرعاية على الفور، وتوفير المعيشة المجتمعية لهؤلاء، وتقديم الدعم اللازم لأسر الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية بما يسمح لأبنائهم بالعيش في بيوتهم”.
كما أوصت الدراسة بضرورة “إلغاء المادة 14، وخاصة الفقرة الأولى منها، والتي تسمح بالإيداع الإجباري على أساس المرض العقلي”.
كما طالبت “بالتحقيق في أفعال التعنيف المرتكبة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك التعذيب وفقاً للمادة 208 من قانون العقوبات”.
وطالبت “بزيادة الجهود الرامية إلى مراقبة الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، بحيث يمكن تنفيذ وتطبيق نظام مراقبة شامل من شأنه كشف حالات التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان”. وشددت على أهمية أن تكون جميع زيارات المراقبة غير معلنة، وأن يشمل نظام المراقبة ليس فقط المستشفيات وغيرها من جهات الرعاية الصحية، ولكن كل الأماكن التي تقدم فيها خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، مثل المدارس.
كما طالبت التوصيات بتعديل الأحكام التشريعية التي تسمح بحرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من أهليتهم القانونية، وتسمح بوجود صاحب قرار بديل.
كما طالبت بتعديل المادة 6 من الدستور، لكي “تحظر بشكل صريح التمييز على أساس الإعاقة، واستدخال قانون شامل يحظر التمييز ضد جميع فئات الأقليات”.
وطالبت بوضع حد “لظاهرة التعليم المنفصل، وتزويد الأطفال ذوي الإعاقة بالدعم اللازم لضمان حضورهم في المدارس العامة بطريقة جامعة”.
كما أوصت بالقيام بحملات توعية للحد من “وصمة العار المرتبطة بالإعاقات الذهنية، وذلك لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات، وتوعية الناس بالأوضاع والاحتياجات المختلفة لدى هذه الفئات”.

تعليقاتكم