أخبار الصحة

مستشفيات وأطباء.. المريض «فاتورة»

صحه نيوز- يحاول الاطباء وبحرص متشدد على الظهور بوجوه مقنعة بالانسانية، ولاسيما أطباء القطاع الخاص، وخاصة عندما يتعلق الامر بالامور المالية للعلاج، الا أن الواقع لا يبدو بهذا القدر من التظاهر الانساني، فعين الطبيب أول ما يحدق صواب نظرها الى جيب المريض ودرجة تأمينه الصحي التي يحملها، وذلك يؤثر بطبيعة الحال على علاقة الطبيب بالمريض.

الاردن يحتل مكانة طيبة على مستوى العالم من حيث المؤشرات الصحية، والفاتورة الصحية تتراوح ما بين 15 الى 20 % من الناتج الوطني الاجمالي أي تصل الى اكثر من مليار دينار، كما يعد الاردن من اغلى البلدان في العالم في الخدمات الطبية ومقارنة بالولايات المتحدة الامريكية ودول اوروبا الغربية واليابان.

الولوج الى الخدمات الصحية في البلاد يدخلنا في متاهات «عويصة « وتناقضات غريبة في بلد تبلغ كلفة اجراء عملية تركيب شبكية أو ازالة زائدة دودية 5 الاف دينار، وبعض من أبنائه قد يموت على أبواب المستشفيات لمجرد انهم لا يحملون تأمينا أو إعفاء طبيا.

هي حقا متاهات، بل أنها مغارة مليئة بالاسرار الغامضة إن دخلنا بعمق لاستطلاع المؤشرات والارقام الطبية، فالروح التي تحكم علاقة الطبيب بالمريض «مادية بحت»، فالاول ينظر الى الثاني على أنه سلعة وزبون، كم من الممكن أن يدر ربحا ماليا على المستشفى أو العيادة ؟ والخلل الغريب يبدو أكثر في آلية احتساب كلفة العلاج، حيث أن الفاتورة تمر بحلقات غريبة وغامضة وفي النهاية تكون صادمة بضخامة قيمتها المالية، قيم فواتير العلاج متضاربة من مستشفى الى اخر ومن طبيب الى الاخر، ولا يبدو ان المشترك بينها سوى ارتفاعها.

ارقام فاضحة، فمراجعة طبيب ما قد تكلف 100 دينار واحيانا أكثر، وتكبر فضيحة فواتير العلاج عندما يتم احتساب خدمات طبية كصور الاشعة وتحليل المختبرات والادوية الصيدلية، فتزيد هنا دوامة الغموض وما يلحق الفاتورة من تفاصيل لكلف علاجية وهمية.

التمايز والتناقض بين فواتير العلاج يبدو واضحا وفاضحا أيضا، وفي جعبتنا شواهد كثيرة، يعتذر سردها في هذا السياق، ولكن اكثر ما يبدو ان الطب تحول الى تجارة، وان ثمة «ضمانات رسمية « تشريعية واجرائية « تقدم للمستشفيات والاطباء لتحتضن ما هو متكرس من تجارة علاجية تستغل بشكل مبرح المواطنين الابرياء دون اي ردع او صد.

وفي تلك الحلقات الطبية الغامضة، فان المواطن قد يدفع أكثر من ثلثي اضعاف دخله لمجرد مراجعته لطبيب،وقد يلجأ احيانا الى الاستدانة والاقتراض لاجراء عملية ولو كانت بسيطة وعادية، والشواهد على ذلك كثيرة.

والاهم أن فاتورة العلاج لا تنتظم بضابط قانوني منطقي أو حتى عرفي يحدد قيمتها، بعيدا عن شهوات ومزاجية المستشفيات والاطباء.وتبقى مسألة التدواي، رغم ابعادها الانسانية والاجتماعية، مأسورة لضمير الطبيب لا سواه.

تعليقاتكم